كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



(ق) عن الأسود قال: سألت عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل قالت كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه، فإذا أذن المؤذن وثب، فإن كانت به حاجة اغتسل وإلا توضأ وخرج عن أنس قال: ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل مصليًا إلا رأيناه ولا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه أخرجه النسائي.
زاد في رواية غيره قال: وكان يصوم من الشهر حتى نقول لا يفطر منه شيئًا ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئًا وقوله: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} أجمع المفسرون على أن عسى من الله واجب وذلك لأن لفظه عيسى تفيد الإطماع ومن أطمع إنسانًا في شيء ثم أحرمه كان ذلك عارًا عليه والله أكرم من أن يطمع أحدًا ثم لا يعطيه ما أطمعه فيه.
والمقام المحمود هو مقام الشفاعة لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون.
(ق) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبات دعوتي شفاة لأمتي، فهي نائلة منكم إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئًا».
(م) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تبتغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة».
(م) عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة».
(ع) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك وفي رواية فيلهمون لذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا، فيريحنا من مكاننا فيأتون آدم فيقولون أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده، وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول: لست هناكم فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا نوحًا أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحًا فيقول لست هناكم فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلًا فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله، وأعطاه التوراة قال فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته فيأتون عيسى روح الله وكلمته فيقول: لست هناكم ولكن ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم عبدًا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتوني فأستأذن على ربي تعالى فيؤذن لي فإذا أنا رأيته، وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء فيقول: يا محمد ارفع رأسك قل تسمع سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع ساجدًا فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع يا محمد رأسك قل تسمع، سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة قال فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي من وجب عليه الخلود» وفي رواية البخاري ثم تلا هذه الآية عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا، قال وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم زاد في رواية «فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة» قال يزيد بن زريع في حديث شعبة ذرة وفي رواية من إيمان مكان خير، وفي حديث معبد بن هلال العنزي عن أنس في حديث الشفاعة، وذكر نحوه وفيه فأقول: «يا رب أمتي أمتي فيقال انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فانطلق فافعل قال فلما خرجنا من عند أنس، مررنا بالحسن فسلمنا عليه فحدثناه بالحديث إلى هذا الموضع فقال: هيا، فقلنا: لم يزدنا على هذا فقال لقد حدثني، وهو يومئذ جميع منذ عشرين سنة كما حدثكم، ثم قال: ثم أعود في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخرّ له ساجدًا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال: ليس ذلك لك أو قال ليس ذاك إليك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي، لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله».
قوله: وهو يومئذ جميع أي مجتمع الذهن والرأي.
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيد لواء الحمد، ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر قال فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم فيقولون أنت أبونا اشفع لنا إلى ربك فيقول: إني أذنبت ذنبًا عظيمًا فأهبطت به إلى الأرض ولكن ائتوا نوحًا فيأتون نوحًا فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ولكن اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دينه الله ولكن ائتوا موسى فيأتون موسى فيقول قد قتلت نفسًا ولكن ائتوا عيسى فيأتون عيسى فيقول: إني عبدت من دون الله ولكن ائتوا محمدًا فيأتوني فأنطلق بهم» قال: ابن جدعان: قال أنس فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه سلم قال: «فآخذ بحلقة باب فأقعقعها، فيقال من هذا؟ فيقال: محمد فيفتوحون لي ويقولون مرحبًا فأخرج ساجدًا فيلهمني الله من الثناء والحمد فيقال لي ارفع رأسك وسل تعط، واشفع تشفع وقل يسمع لقولك وهو المقام المحمود الذي قال الله سبحانه وتعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا}».
قال سفيان: ليس عن أنس غير هذه الكلمة فآخذ بحلقة باب الجنة فاقعقعها فيقال: «من هذا فيقال محمد فيفتحون لي ويرحبون فيقولون: مرحبًا فأخر ساجدًا فيلهمني الله من الثناء والحمد» أخرجه الترمذي.
قوله: ماحل المماحلة: المخاصمة المجادلة.
والمعنى: أنه خاصم وجادل عن دين الله بتلك الألفاظ التي صدرت منه.
قوله: فاقعقعها أي أحركها حركة شديدة والقعقعة حكاية أصوات الترس وغيره مما له صوت.
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول الناس خروجًا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشرهم إذا أيسوا ولواء حمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر» أخرجه الترمذي زاد في رواية غير الترمذي: «وأنا مستشفعهم إذا حبسوا الكرامة، والمفاتيح يومئذ بيدي يطوف علي خدم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور».
(م) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع» زاد الترمذي، قال: «أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكس حلقة من حلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش فليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري» عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه قال: إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك، استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فيشفع ليقضي بين الخلائق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيؤمئذ يبعثه الله مقامًا محمودًا يحمده فيه أهل الجمع كلهم.
(م) عن يزيد بن صهيب قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله جالس إلى سارية يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو قد ذكر الجهنميين فقلت يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الذي تحدثونه والله يقول إنك من تدخل النار فقد أخزيته وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، فما هذا الذي تقولون قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم.
قال: فاقرأ ما قبله إنه في الكفار ثم قال فهل سمعت بمقام محمد الذي يبعثه الله فيه قلت: نعم قال فإن مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج من النار قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه، قال وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك.
قال غيره أنه قد زعم أن قومًا يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها.
قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال فيدخلون نهرًا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه، فيخرجون منه كأنهم القراطيس فرجعنا فقلنا ويحكم أترون هذا الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعنا فلا والله ما خرج غير رجل واحد أو كما قال، والأحاديث في الشفاعة كثيرة وأول من أنكرها عمرو ابن عبيد وهو مبتدع باتفاق أهل السنة.
وروى أبو وائل عن ابن مسعود أنه قال: إن الله اتخذ إبراهيم خليلًا وإن صاحبكم خليل الله وأكرم الخلق عليه.
ثم قرأ عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا قال يقعده على العرش.
وعن مجاهد مثله وعن عبد الله بن سلام قال يقعد على الكرسي.
قوله: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} المراد منهما الإدخال والإخراج قال ابن عباس: معناه أدخلني مدخل صدق المدينة وأخرجني مخرج صدق من مكة نزلت حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة.
وقيل: معناه أخرجني من مكة آمنًا من المشركين، وأدخلني مكة ظاهرًا عليها بالفتح، وقيل: أدخلني في أمرك الذي أرسلتني به من النبوة مدخل صدق، وأخرجني من الدنيا، وقد قمت بما وجب علي من حق النبوة مخرج صدق وقيل: معناه أدخلني في طاعتك مدخل صدق وأخرجني من المناهي مخرج صدق وقيل: معناه أدخلني حيثما أدخلتني بالصدق، وأخرجني بالصدق ولا تجعلني ممن يخرج بوجه ويدخل بوجه فإن ذا الوجهين لا يكون آمنًا عند الله {واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا} أي حجة بينة وقيل: ملكًا قويًا تنصرني به على من عاداني وعزًا ظاهرًا أقيم به دينك فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرهما ويجعله له، وأجاب دعاءه فقال له والله يعصمك من الناس، وقال يظهره على الدين كله وقال: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية.
قوله تعالى: {وقل جاء الحق} يعني الإسلام والقرآن {وزهق الباطل} أي الشرك والشيطان {إن الباطل كان زهوقًا} أي مضمحلًا غير ثابت، وذلك أن الباطل وإن كان له دولة وصولة في وقت من الأوقات فهو سريع الذهاب والزوال.
(ق) عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وكان حول البيت ثلثمائة وستون صنمًا فجعل يطعنها يعود في يده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا جاء الحق، وما يبدىء الباطل وما يعيد.
قوله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء} من في قوله تعالى من القرآن لبيان الجنس والمعنى: ننزل من هذا الجنس الذي هو القرآن ما هو شفاء أي بيان من الضلالة الجهالة، يتبين به المختلف فيه ويتضح به المشكل، ويستشفى به من الشبهة ويهتدى به من الحيرة وهو شفاء القلوب بزوال الجهل عنها.
وقيل: هو شفاء للأمراض الباطنة والظاهرة، وذلك لأنها تنقسم إلى نوعين:
أحدهما الاعتقادات الباطلة، والثاني الأخلاق المذمومة أما الاعتقادات الباطلة فأشدها فسادًا والاعتقادات الفاسدة في الذات والصفات والنبوات والقضاء والقدر والبعث بعد الموت، فالقرآن كتاب مشتمل على دلائل المذهب الحق في هذه الأشياء وابطال المذاهب الفاسدة، لا جرم، كان القرآن شفاء لما في القلوب من هذا النوع.
وأما النوع الثاني: وهو الأخلاق المذمومة فالقرآن مشتمل على التنفير منها، والإرشاد إلى الأخلاق المحمودة والأعمال الفاضلة، فثبت أن القرآن شفاء من جميع الأمراض الباطنة وأما كونه شفاء من الأمراض الجسمانية، فلأن التبرك بقراءته يدفع كثيرًا من الأمراض.
يدل عليه ما روي عن البني صلى الله عليه وسلم في فاتحة الكتاب، «وما يدريك أنها رقية» {ورحمة للمؤمنين} لما كان القرآن شفاء للأمراض الباطنة والظاهرة، فهو جدير بأن يكون رحمة للمؤمنين {ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا} لأن الظالم لا ينتفع به، والمؤمن ينتفع به فكان رحمة للمؤمنين وخسارًا للظالمين، وقيل: لأن كل آية تنزل يتجدد لهم تكذيب بها فيزداد خسارهم قال قتادة: لم يجالس القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضاه الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا.
قوله سبحانه وتعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان} أي بالصحة والسعة {أعرض} أي عن ذكرنا ودعائنا {ونأى بجانبه} أي تباعد منا بنفسه وترك التقرب إلينا بالدعاء وقيل: معناه تكبر وتعظيم {وإذ مسه الشر} إي الشدة والضر {كان} أي يائسًا قنوطًا، وقيل: معناه إنه يتضرع ويدعو عند الضر والشدة، فإذا تأخرت الإجابة يئس فلا ينبغي للمؤمن أن يدع الدعاء ولو تأخرت الإجابة.
قوله: {قل كل} أي كل أحد {يعمل على شاكلته} قال ابن عباس: على ناحيته.
وقيل: الشاكلة الطريقة أي على طريقته التي جبل عليها، وفيه وجه آخر وهو أن كل إنسان يعمل على حسب جوهر نفسه، فإن كانت نفسه شريفة طاهرة، صدرت عنه أفعال جميلة وأخلاق زكية طاهرة وإن كانت نفسه كدرة خبيثة صدرت عنه أفعال خبيثة فاسدة رديئة {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلًا} أي أوضح طريقًا وأحسن مذهبًا واتباعًا للحق.
قوله سبحانه وتعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}.
(ق) عن عبد الله بن مسعود قال: بينما أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوكًا على عسيب معه فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح.